سورة هود - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)}
1- الر... حروف ابتدأت بها السورة للإشارة إلى أن القرآن معجز، مع أنه مكون من الحروف التي ينطقون بها، وللتنبيه إلى الإصغاء عند تلاوة القرآن الكريم إلى أنه كتاب ذو شأن عظيم، أُنزلت آياته محكمة لا باطل فيها ولا شبهة، ونظمت بأسلوب لا خلل فيه، واضحة بينة، ثم فصلت أحكامها. وللكتاب مع شرفه في ذاته شرف أنه من عند الله الذي يعلم كل شيء، ويضع الأمور في مواضعها سبحانه.


{أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4) أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)}
2- أرشد به الناس- أيها النبى- وقلْ لهم: لا تعبدوا إلا الله، إننى مُرْسَلٌ منه لأنذركم بعذابه إن كفرتم، وأُبشّركم بثوابه إن آمنتم وأطعتم.
3- وتضرّعوا إلى الله داعين أن يغفر لكم ذنوبكم، ثم ارجعوا إليه بإخلاص العبادة وعمل الصالحات، فَيُمتعكم متاعاً حسناً في الدنيا إلى أن تنتهى آجالكم المقدّرة لكم فيها، ويُعطى في الآخرة كل صاحب عمل صالح فاضل ثواب عمله وفضله. وإن تنصرفوا عمّا أدعوكم إليه، تعرضتم للعذاب، فإنى أخاف عليكم هذا العذاب في يوم كبير يحشر فيه الناس جميعاً، ويكون فيه الهول الأكبر.
4- إلى الله- وحده- مرجعكم في الدنيا، ويوم القيامة حين يبعثكم من قبوركم ليجازيكم على أعمالكم، وهو قادر على كل شيء، لأنه كامل القدرة لا يعجز عن شيء من الأشياء.
5- إن الناس يطوون صدورهم كاتمين لما يجول فيها، مجتهدين في كتمانهم، زاعمين أن عاقبة ذلك أن تستخفى خلجات صدورهم عن الله! ألا فليعلم هؤلاء أنهم إن آووا إلى فراشهم لابسين لباس النوم، فاستتروا بظلام الليل والنوم وطى ما في الصدور، فإن الله عليم بهم، في سرهم وعلنهم، لأنه يعلم ما يصاحب الصدور ويطوى فيها.
6- ولْيعْلم هؤلاء أن قدرة الله ونعمه وعلمه شاملة لكل شيء، فلا توجد دابة تتحرك في الأرض إلا وقد تكَفَّل الله سبحانه برزقها المناسب لها في مختلف البيئات تفضلاً منه، ويعلم مكان استقرارها في حال حياتها، والمكان الذي تودع فيه بعد موتها.. كل شيء من ذلك مسجل عنده سبحانه في كتاب موضح لأحوال ما فيه.


{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)}
7- والله خلق السموات والأرض وما فيهما في ستة أيام، ومن قبل ذلك لم يكن الوجود أكثر من عالم الماء، ومن فوقه عرش الله. وقد خلق الله هذا الكون ليظهر بالاختبار أحوالكم- أيها الناس- ليظهر منكم من يقبل على الله بالطاعة والأعمال الحسنة، ومن يُعرض عن ذلك.. ومع هذه القدرة الخالقة إن قلت لهم مؤكداً: أنهم سيبعثون من قبورهم، وأنهم خلقوا ليموتوا ويُبعثوا، سارعوا إلى الرد عليك مؤكدين أن هذا الذي جئتهم به لا حقيقة له، وما هو إلا كالسحر الواضح الذي يلعب بالعقول.
8- ولئن اقْتضت حكمتنا تأخير عذاب كفرهم في الدنيا إلى وقت مُحدد عندنا هو يوم القيامة، ليقولون مستهزئين: ما الذي يمنعه عنا الآن؟ فليأت به إن كان صادقاً في وعيده. ألا فليعلم هؤلاء أن العذاب آتٍ حتماً، وأنه لا خلاص لهم منه حين يأتيهم، وأنه سيحيط بهم بسبب استهزائهم واستهتارهم.
9- وإن من طبيعة الإنسان أن تستغرق نفسه الحالُ التي يكون عليها، فإذا أعطيناه بعض النعم رحمة منا كالصحة والسعة في الرزق، ثم نزعنا بعد ذلك هذه النعمة لحكمة منا، أسرفَ في يأسه من عودة هذه النعمة إليه، وأسرف في كفره بالنعم الأخرى التي لا يزال يتمتع بها.
10- وإننا لو أعطينا الإنسان نعمة بعد ضر لحق به، فإنه يقول: ذهب ما كان يسوؤنى ولن يعود ويحملُه ذلك على شدة الفرح بمتاع الدنيا، وعلى المبالغة في التفاخر على الغير، فينشغل قلبه عن شكر ربه، هذا هو شأن غالب بنى الإنسان: مضطرب بين اليأس والتفاخر.
11- ولا يخلو من هذا العيب إلا الذين صبروا عند الشدائد، وعملوا الصالحات في السرَّاء والضرَّاء. هؤلاء لهم مغفرة من الذنوب وأجر كبير على أعمالهم الصالحة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8